السبت، 5 سبتمبر 2020

مشهد : وداع حار

سقطت .. و سقطت معها آمالها و أحلامها ، محت مستقبلها بعد أن ضاقت بها الحياة و فصولها و استعسر عليها البقاء بنَفَس لم يتوقف عنوة قط ، وسط ذهول و صيحات كل من رآها .
عندما تهاوت ظنّت بأن كل شيء تهاوى معها و سقط .. ظنت بأنها بسقوطها قد أنهت جلّ معاناتها و محت مخاوفها من الوجود ، و أوقفت سير تلك الدوامة التي كانت هي حبيستها منذ الأزل .
رخيصة و غالية في آنٍ واحد كالماء هي حياتها التي تحدتها بكامل إرادتها ، و أحضرت الموت من أذنيه ملبياً نداءها .. هي لا تراه فشلاً على مواجهة الحياة بل هو انتصار عليها .. ليس جبناً بل شجاعة .. إنه حاجة .
هاهي تنزف الذكريات ، أما من حنين يمنعها ؟ ، أما من خطوة للوراء تعيد كل شيء كما كان .
....

تداخل الأصوات في رأسها ، رداءة رؤيتها ، ثم انقطاع تواصلها مع هذا العالم .. كانت تلك اللحظات الأولى التي عاشتها بعد سقطتها ثم انتقلت بعدها إلى عالم اللاوعي ، عالم مجهول مكثت فيه طوال أشهر أسموه الأطباء "غيبوبة" و كانت تظن أنه الموت يستعد ليأخذها .. لكنه لم يكن كذلك !

بضع و تسعون يوماً قضتها على الفراش الأبيض ، ثم استفاقت بعدها لتعود إلى دنيا الأحياء و البشر ، لم تذكر شيئاً حينها و لكنها توصلت إلى نتيجة واحدة هي : أنها ليست بخير الآن لسبب ما .
لم يكن هناك طرف سليم فيها .. حتى عقلها لم يكن يذكر سوى تلك الدراجة التي أوقعتها أرضاً حتى نزفت قدماها .
أحياة جديدة؟ 
أم نصف ممات ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق