السبت، 26 سبتمبر 2020

ابراهيم عليه السلام

 في قصة خليل الله إبراهيم تتجلى بوضوح معالم إنسان أجهَد فكره حتى عرف ربه ، بحث عن الإجابة التي ينشدها بإصرار حتى نالها ، حاول مرة و لم تكن شافية ثم عاود الكرّة مرة تلو مرة ، حتى توصل للنتيجة و نشوة الوصول اليها ، قَبِل قدره و حمل رسالة ربه على تلك الأرض و بين قومه ، رُفِض من الجميع و لم يجزع فقد كفاه ربه ، عظّم الله في قلبه فتخلىٰ عن كل البشر حتى ذلك الكهل الذي أفنى عمره أباً له .. من أجل إعلاء اسم الواحد الأحد ، و بعناية الخالق بردت النار من حوله برودة أُثلِج بها صدره و أُخزِي بها كل معادٍ عادٍ .

سافر الخليل و ارتحل ليجوب الأنحاء حاملاً راية التوحيد الأولى ، و برفقته من خالفت عُرف موطنها و آمنت بربها و آمنت بنبوته و لوطاً صديقاً قبل أن يبعث نبياً .. جابه ملوكاً و زعماء فما استكانت قوته و ما ارتخت غايته ، و حينما تقدم به الزمان و سرق شيئاً من عمره أهداه الله "اسماعيل" ليخرج من نسله أشرف خلق الله من بعده ، و في الأرض الميتة تفجرت من تحتهم السقيا حتى ارتوى صغيرهم ، و ببرهان عظيم في حياة أربعة من الطير اطمأن قلب نبينا .

هو العبد الذي أحَبّ ربه فكان له في كل حين ولياً و نصيراً .. هو واحد أغنى عن جموع من البشر ، حمل الرسالة الخالدة وحيداً بكل عز .. هو نبي قد بقي ذكره معنا و سيبقى بعدنا .. هو الأب لرسل الهدى أنبياء ربنا ذو الجلال و الإكرام .. هو نبي الله ابراهيم عليه السلام .

اقرأ أيضا عن : الرسول محمد صلى الله عليه و سلم 

الخميس، 17 سبتمبر 2020

كوب من القهوة .


لا شيء أجمل من مواساة كوب قهوة ..

عزيزتي السمراء التي لا مثيل لرقتها في الوجود ، صديقتي التي في دورانها اتزان ، و في جوفها يكمن مصل السعادة ، و في سوادها ضياء ينير فيّ أركان شتى .. ينقلني سحرها إلى ألف مكان و مكان .. إلى جنان خضر لا تغرب الشمس فيها و بأشجار الكرز تزدان .. فيها استراحة الروح المنهكة من تعاقب الأحداث أو دوامة الفراغ القاتل .

لطالما كانت هي صديقة الشعوب و رفيقة صباحهم ..

في كل رواية من روايات الزمان تكون حاضرة و لو من خلف الستار .. هي رسالة الصداقة الأقرب وداً و أصل الضيافة عند أهل الكرم ، أحياناً تكون بمثابة خريطة لمستقبل إحداهن ، و لآخرين هي دواء شافٍ لصداعٍ استوطن رؤوسهم بلا رحمة .

هي ثقافة يتشاركها أبناء المجتمع الواحد ، و نقطة التقاء مجتمعات أخرى .. هي الدفء عندما يلسع الزمهرير جلوداً رقيقة ، و هي الفن في أبهى صوره و التقاليد المحفوظة في هوية كل سكان العالم .

هي علاقة قوية تأسست مع بني البشر فكانت سيدة أوقاتهم الفاتنة .

امنحني كوب قهوة كهدية و انسَ الباقي !

الأحد، 13 سبتمبر 2020

هل نستطيع العيش بلا حب ؟

 

حتماً ستكون إجابتي هي : لا !

لا نستطيع العيش بلا حب يحركنا لأن الحب هو كل أسباب الحياة ، نعيش به و من أجله فقط ، و لاينتزع الحب من قلب أحدهم حتى تنتزع روحه بأكملها .

و إن حجزت الكراهية مكانها في القلب سرعان ما ستبدأ بتدميره رويدا رويدا، حتى تفقد الأشياء روعتها ، و تفقد الأيام ما كان بها من ألوان تزينها و تفقد أنت كل شيء و تنتهي .

و أنت .. يا من تظن أنه الإمكان تأسيس حياة بالكراهية و العِداء المستمرّ ، انتبه !

سيأكل منك حقدك كل يوم مقدار مضغة حتى يفنى عمرك بالتمام .

أما ما بعد الفناء .. فستُسأل و ستسأل كثيراً ، عن عمرك فيما أفنيته و عن جسدك فيما أبليته .. ستسأل عن روحك كم كبّدتها عناءاً ، و أرواح أخرى تأذت بفسادك ، و قلوب وقع مقتلها على لسانك ، و ستسأل أكثر و بلا محاولة و مراوغة منك ستأتي كل تفاصيلك أصغرها و أكبرها حتى تلك التي غفلت عنها ستكون حاضرة ، و ستشهد جميعها عليك .. ستواجهك ، و سيكون ذلك هو الخسران العظيم من بعد حياة مرصعة بالخسائر الكبرى .

تفاصيل صغيرة كفيلة بإحداث الفرق المنشود

-لتعيش أحب ما حولك ، اكتشف ذاتك و أحب نفسك و تفاصيل شخصيتك كي تستطيع إدراج محبة الآخرين في قلبك .

-لون دنياك بلونك المحبب ، اجعل كل ما حولك يزهو بألوان تبعث السعادة و الراحة فيك .

-اسعَ لجعل هذا العالم مكاناً أفضل لك و لصغارك ضيوف المستقبل .

-أحب الخير بكل فصوله و لا يتحقق ذلك إلا بحب رب الخير ، الذي اختار لنا كل خير في حياتنا .

-و أخيراً ، لا تقتل نفسك .. فكل شخص تحبه يستحق الموت من أجله ، لكنه يستحق الحياة لأجله أكثر .. حيثما تجد السعادة ابقَ هناك ، و اقضِ أوقاتاً لا تنسى معها ، و إن أجبرت على الرحيل يوماً ، احمل ذكرياتك على ظهرك و سِر بها للأمام بلا توقف ، فما للتوقف خلقنا ، أكمل المسير و ابحث عن وجهة تقصدها بكل حب .

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2020

أجسام نحيلة

مأساة الجوع في عالمنا

أجسام نحيلة .. عظام تكاد تخترق جلداً يغطيها .. قلوب تعطّل الإحساس فيها مما جابهت ، و عقول أنهكها كل ما حولها ..
بل أرواح ميتة محدودة الحركة رأيتها يوماً على شاشةٍ فتمزق كل ما بداخلي ألماً .. و ما أحال قلبي إلى فتات ، هو عجزي عن إحداث فرق بارز من أجلهم .
تعلقت صورهم  بجدران عقلي و لم تفارقه حتى سكبت ماء عيني الحارق .. وسط زحام من النعم يعاني قلبي مما رأى ، فهل من دواء ؟
على تلك الشاشة رأيت أناساً مشتتين وسط صراع دامٍ .. لم يشأ أيّ منهم الإنخراط فيه و لكنهم أُجبِرواْ على تجرع ويلاته لاحقاً .
رأيت خسارة تلو خسارة ، و لم أرَ فوزاً يوماً سوى هزيمة أكبر تتوشح بوهم النصر .. و ما هو النصر؟ 
أن لا تموت في أرض المعركة ؟ أو أن تسلب حياة عدوك ؟ أو لا شيء من هذا و ذاك .. لا شيء سوى جوع و فقدان و فقر و خوف .
خوفٌ يغزو أرواحاً لم ترتكب ذنباً فارتُكِبت بحقها كل الذنوب .
عذراً يا يمن فخبزنا لا يكفي لملء أفواه جياعكم ، عذراً يا صومال فماؤنا ما عاد يروينا .. عذراً سوريا ، فلسطين ، السودان .. و هل تنتهي الأعذار ؟

السبت، 5 سبتمبر 2020

مشهد : وداع حار

سقطت .. و سقطت معها آمالها و أحلامها ، محت مستقبلها بعد أن ضاقت بها الحياة و فصولها و استعسر عليها البقاء بنَفَس لم يتوقف عنوة قط ، وسط ذهول و صيحات كل من رآها .
عندما تهاوت ظنّت بأن كل شيء تهاوى معها و سقط .. ظنت بأنها بسقوطها قد أنهت جلّ معاناتها و محت مخاوفها من الوجود ، و أوقفت سير تلك الدوامة التي كانت هي حبيستها منذ الأزل .
رخيصة و غالية في آنٍ واحد كالماء هي حياتها التي تحدتها بكامل إرادتها ، و أحضرت الموت من أذنيه ملبياً نداءها .. هي لا تراه فشلاً على مواجهة الحياة بل هو انتصار عليها .. ليس جبناً بل شجاعة .. إنه حاجة .
هاهي تنزف الذكريات ، أما من حنين يمنعها ؟ ، أما من خطوة للوراء تعيد كل شيء كما كان .
....

تداخل الأصوات في رأسها ، رداءة رؤيتها ، ثم انقطاع تواصلها مع هذا العالم .. كانت تلك اللحظات الأولى التي عاشتها بعد سقطتها ثم انتقلت بعدها إلى عالم اللاوعي ، عالم مجهول مكثت فيه طوال أشهر أسموه الأطباء "غيبوبة" و كانت تظن أنه الموت يستعد ليأخذها .. لكنه لم يكن كذلك !

بضع و تسعون يوماً قضتها على الفراش الأبيض ، ثم استفاقت بعدها لتعود إلى دنيا الأحياء و البشر ، لم تذكر شيئاً حينها و لكنها توصلت إلى نتيجة واحدة هي : أنها ليست بخير الآن لسبب ما .
لم يكن هناك طرف سليم فيها .. حتى عقلها لم يكن يذكر سوى تلك الدراجة التي أوقعتها أرضاً حتى نزفت قدماها .
أحياة جديدة؟ 
أم نصف ممات ؟