الجمعة، 14 أبريل 2023

الحمدلله

لم تكن يوماً مجرد كلمة عادية، ولا شكراً مألوفاً، ولا قالباً جامداً، ولا رياضة عزم اللسان على مضاعفة تكراراتها .

لقد كانت "الحمدلله" رفيقة اليقين والإمتنان والسكينة والمحبة وعميق ما يختلج القلب، ويؤنس النفس، ويراقص مقلة العين الفَرِحة بعطايا ربها، إن "الحمدلله" والتيسير للشكر هو بحد ذاته عطية من الله، فعندما تشكر هذا دليل على أنك ترى فتستشعر، وتطيب فتأنس، ثم تمتنّ وتحمد، وتكثر في الحمد رغم علمك أنك لن تبلغ حد الإنصاف وتغطية كل نعم الوهّاب .

"الحمدلله" آمنة جداً، تطمئن نفسك عندما تلهج بها، لأن الله قريب مجيب، واسع العطايا، كريم الهِبات، جالبٌ للخير، دافعٌ للشر .

أما عندما تأتي متأخرة، فأثرها على النفس أعمق وألذَ .. عن "الحمدلله" التي تأتي بعد إدراك الحكمة، بعد النجاة من سوء اختيارات النفس، وضبابية البصيرة، ومحدودية المعرفة، تلك التي تتشارك الحواس في الهتاف بها بصوت واحد، لما ترى الخير ينبثق من شرٍّ ألبسته إياه فينير عتمتك، عندما تعود في كل مرة لتسلّم كل ما يخصك لله، لأنك في كلِّ مرة تدرك أن خيارات الله كانت الأحسن حتى وإن لم يتجلى ذلك أمام عينيك في ذلك الحين، تتخلى عن إمتياز الإختيار ولكنك تختار الرضا بكل ما يسوقه الله إليك ويسوقك إليه .

الحمدلله لابد أن تُحَسّ، لابد أن تُعاش، لابد أن تخترق الفؤاد قبل أن تطأ اللسان .

فالحمدلله ثم الحمدلله .