السبت، 2 مارس 2024

في اللغة..

 أليس غريباً؟ أنه حين يحلم المرء، تستيقظ اللغة لتسعفه وتحكم قبضتها على الذاكرة، أما عندما يتوقف عن الحلم تجاهد حتى تُنشِئ حلماً.. نفَس أخيرٌ لها للنجاة.

اللغة في حد ذاتها مدمنةٌ للصمود متمنعةٌ عن السقوط، ولكن نصيب الإنسان منها يقوى ويهزل، الأمر مرهون بقلبهِ.. بأحلامهِ.

هل اللغة تروينا أم تعلمنا الإرتواء بأنفسنا؟ هي وسيلة.. نعم، ولكن هل يمكن أن تضحي غاية؟

ما معنى أن تمنحنا شعورًا لحظياً أو قائماً بالرضا، تهدينا نقاط ترقية بشرية أحيانًا، وتقف منتصبة دون أن تتأثر، مهما ظننا فنحن لا نضفي لها شيئاً، بل كل الإضافات نحوزها منها منفردين، لأنها تحب تمثيل التكامل في أبهى حلله.

هل تستوي اللغة مع القلم أو لوحة المفاتيح لدى الكاتب؟ ما الذي يحيطها بهالة القداسة تلك؟ أرى جواباً مختبئًا في قعر السؤال، أُفضِّل أن لا أوقظه، دعنا نلعب باللغة قليلاً، ولكن ألن تصيبنا لعنة العبث؟ أم أنها ستسخط  كما تفعل أمٌّ مع إبنٍ عاق؟ ولكنني أخاف أن أجرحها.. فهل تُجرَح اللغة؟ 

إنما ذاك امتياز حازه جمع من الشعراء، تفرّدوا باللعب برشاقة على أوتار اللغة فأجادوا، وليس الكل مخول بذلك.

حسنٌ، لن ألعب باللغة.. سأختبئ تحت ظلها، سأتخفف من طبقات حاوطتني ورغم ذلك سأدفأ وأستتر.

...

لماذا نكتب ما لا نقوله؟ لماذا تغفو اللغة على أطراف ألسنتنا وينتقل زخمها إلى أيادينا؟ اللغة حبر لا صوت، بل حبر ذو صوت مخملي بألف نبرة.

اللغة تُكتب أكثر من نطقها، أو على الأقل هذا ما أعتقده عن سُنة الإنسان فيها.

اللغة تُسقِط واو الشعور ليصير شِعرًا، تتراقص بين القلب والعقل ولكنها لا تختار، واللغة أيضاً قرار.. في عالم التسويق مثلاً أو الإعلام عامًّة.

العربيّة، أم وسلطانة، منابع وأنهار، موطن وديار.

العربيّة قلب بداخل قلب، وعقل في أعماق عقل.

وشعورنا يبقى مرهونًا ما بين الألف والياء، مستعرضاً أَنَفته وكبرياءه بِضَاده.. ضادُ العربيّة وحدها.