السبت، 25 يناير 2025

في الليلة الظلماء

 يقال أن الظلمة لا تطرد ظلمة أخرى، ولكن على ما يبدو، فالليل استثناء!

لقد كانت ظلمته تنير عتمة الليل الآخر المحتجب خلف ضلوعها، وبشكل ما تتضح لها الرؤية في ذلك الوقت من اليوم فقط، حيث تنخرط في حوار مع النجوم، مع نفسها، فتتكشّف لها أيّما تكشّف.. لقد كانت تلك النجوم تحدثها عن حقيقتها.

لذلك فهي على يقينٍ بأنّ الليل فكرة أدبية وفلسفية قد أُجمع عليها، هو تلك الرواية مثقلة الوتيرة، ولكن رغم ذلك لا يُمَلّ منها، هو ذلك العالم المستقل الذي لا يدركه غير أهله، بينما يترنّح الباقون على السطح فقط، ثم يسقطون في فخاخ النوم والغفلة، على الضفاف نائين بأنفسهم عن عمق الأغوار، عن المعاني وشره الأفكار.

ربما يعيد الليل ترتيبنا، يعيدنا إلى النفس التي لاقت من التهميش نهارًا ما يهدد وجودها، وكأن الشمس إذ تطلع، تدأب على إخفاء أيّ أثر يخصّ تلك النفس، فيركض الجسد خلف الأشياء، والأشخاص، ويركض ويركض، ثم ينسى نفسه، يرى ولكنه لا يبصر، ولكنه يحوز الإبصار كله بعد المغيب.

وفي الليلة الظلماء يفتقد الكثير.. وأعتاها أن يفتقد أحدهم نفسه، تلك التي كانت، تلك التي عاشت، أو تلك التي.. ماتت!

...

لا يُمتَدح الليل بمياعة تجعله يبدو كملهىً للغارقين في محيطات الترفيه، أو جنّة لصيّادي الحياة الوردية، كل ما في الأمر أن الليل محطة مملوءة بالعمق، من لا يجيد السباحة.. يغرق، ومن يصل إلى الأعماق يحمل ثقل الدنيا على ظهره، ثم يمضي بعذ انقضائه متخففًا منه، محلقًا في فضاءٍ من الحرية، وأبهى سرٍّ في هذا الليل، أنك تكون أقرب ما تكون إلى خالقك، بهذا القرب الهائل منه، بذاك البعد السحيق عن سائر الكائنات، تنجو.

"كُتبت ليلًا".

قُرِأَت: ...؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق