تخيل أن تبيت ليلتك دون سقف يأويك و لا نوم يقترب منك ليريح جسدك المنهك و روحك اليتيمة ، و لا هدوء يخمد النيران التي تلتهم جوفك .. تعصف بك الأفكار من كل فج .. فتمسي تلك الليلة هي أقسى الليالي ظلمة في حياتك .
نعم هناك من يواجهون هذا الخطر الداهم في أحياء مدينة القدس و بالتحديد حي الشيخ جراح و حي سلوان .. واقعيون و موجودون بيننا أو بالقرب منا أو ربما تفصلنا عنهم مسافات طِوال .
بعيداً عن السياسة التي لا أريد أن أقحمكم فيها ، أود أن آخذكم إلى زاوية إنسانية تعمل فيها مخيلتكم و تتحرك فيها مشاعركم بعطاء.
ماذا لو كان ذلك الشخص المهدد بالطرد و التشريد هو أنت ؟ ماذا لو طلب منك هدم منزلك الذي يضم أقرب ذكرياتك إلى قلبك ، طفولتك ، عاداتك ، لحظاتك مع عائلتك و أحبتك .
قف و تخيل معي قليلاً ماذا لو تخلى عنك الكثير من جيرانك بحجة أن الأمر لا يمسهم لأن لديهم منازلهم و أعمالهم و حياتهم الخاصة التي ينشغلون بها عنك .
ماذا إن لم تكن لك قضية .. ماذا إن أصبحت مأساتك هي واقع وحدتك في هذه الحياة .
و تخيل معي في زاوية أخرى .. إن كانت قضيتك هي قضية العالم بأسره ، تخيل إن رفض العالم التخلي عنك و تصدى لذلك العدوان البشع الذي لن تواجهه لوحدك بعد الآن لأنهم سيكونون معك .
تخيل وضعاً يكون فيه مصيرك محتوماً بقرار خصمك .. أن تعيش في مرمى النيران و يلاحقك كابوس الحرمان .
الحرمان من الحياة الطبيعية التي تتمتع فيها بأبسط حقوقك كإنسان يعيش على هذه الأرض و هو جزء منها .. متجذِّر في تربتها و مُسجَّل في تاريخها .
أن تُحرَم من الوطن و المُواطَنة ، التي هي حقك المشروع و دافعك للحياة ،
أن تحرم من رائحة الجدة و شاي الصباح و فطور رمضان و غداء الجمعة و صلاة التراويح !
أن تُمنَع من أن تكون أنت أو أن تمثل ذاتك و تراثك و عاداتك و كل ما يخصّك و يجعل منك فريداً بين الشعوب و تمحو كل ما هو دخيل عليك ،
أن تمتثل لكل ما يرونه لائقاً بهم و برؤيتهم العقيمة .
أن تكون أنت الأساس و هم الدخلاء .. و لكنك بشكل ما تضطر للخضوع لهم بلا إرادة منك و في بطش شديد منهم .
أن تتعرض روحك لخطر إزهاقها في أي لحظة بدعوى التمرد و المخالفة لما تريده تلك الوحوش في مشهد يرقص فيه الثعلب المكار بعمق دارك في مرأىً منك و لكن بلا حول و لا حيلة .
تخيل معي أن يتم وصفك بالمجرم و تكون تهمتك هي أنْ قلت "هذا بيتي ، لن أتركه"!!
ثم توقف عن الخيال عزيزي .. و تأمل حولك جيداً .. و كن جزءاً من هذا الحراك الذي نأمل من خلاله حفظ حقوق أُناس مهددين بسلب هذه الحقوق منهم ، مهددون بالإخلاء و التهجير القسري و التطهير العرقي و الهدم الذاتي و التي من المفترض أنها تعد مصطلحات مُجرَّمة في عالمنا بل مُحرَّمة ، فهي وسائل إجرامية بحق كرامة الإنسان و عيشه ، لا يقبل بها الحرّ و لو وقعت على عدوه .
فكيف إن كانت تلك الأم التي تجابه هذه الويلات هي بمثابة أمك ؟
عندها لا تقف صامتاً و شارك معنا عبر هذه الهاشتاقات حتى نستطيع إيصال أصوات هؤلاء الأبطال إلى العالم أجمع :
#أنقذواْ_حي_الشيخ_جراح
#أنقذواْ_سلوان
#أنقذواْ_بيتا
#أنقذواْ_لفتا
و باللغة الإنجليزية :
#savesheikhjarrah
#savesilwan
#savebeita
#savelefta
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق