الاثنين، 28 نوفمبر 2022

أشتاق إلى التنفس !

في المرة التي تنفست فيها لأول مرة ..

 قبل ٥ أعوام تقريبًا.. تلك المرة التي شعرت فيها وكأنني أتنفس للمرة الأولى في هذه الحياة، أتنفس بعمق .. تذوقت الهواء، وحينها فقط علمت أن للهواء طعم ورائحة ووجود ! غريبة هي هذه الحقيقة ولكن لذّتها صرفتني عن غرابتها، وغرقت في اللحظة تماماً .

في تلك المرة، طالعت السماء ليلاً فرأيتها لوحة قد أحسن المولى بنائها، وجدت النجوم معلقة وكأنها عوالم قائمة بذاتها، تنصتّ إلى أحاديثها وشاركتها الدردشات، وكانت بداية انبثاق صداقة من نوع آخر.

كانت المرة الأولى التي يكون فيها عقلي هادئاً، والأولى التي يكون فيها حاضراً في اللحظة الراهنة فقط، وكأن الأفكار قد اختفت، وكأن التفكير قد انتفى، لأول مرة لا أفكر بغدٍ، بل بالآن فقط .. كان حديث النجوم ساحراً، مطمئناً حتى النوم .. نوم حقيقي هذه المرة !

هناك تعرفت على نفسي لأول مرة أيضاً، و عرفت أنني كنت أرتدي الإنطواء تكلفاً وبداخلي روح تحب إلقاء التحية على كل الكائنات، وتأنس بالإجتماع، وتستجلب الأحاديث، وتتبنى الضحكات .. كانت تلك أنا بشكل آخر في مكان آخر وفي زمان آخر، يا ليتني أصل إليها !

كل تلك المشاهد تختزلها جغرافية واحدة، إن غبت عنها غابت عني .

فهل تحنّ الجغرافيا كما نحنّ إليها ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق