الاثنين، 7 مارس 2022

بعثرة : نقطة الصفر

و ابتعدت عن ذاتي كثيراً .. و عدنا كأغراب من جديد ، و لم أدرك ذلك حتى اللحظة التي فطنت فيها إلى عمق ذلك الشرخ الذي استجدّ بيننا ، بيني و بين قلبي ، فقلبي كان يهوى و كنت أنا أمتنع ، حتى صارت الفجوة بيننا تعادل ما بين المشرق و المغرب من مدى ! 
و حينها فقط تمنيت العودة ، هلعت من ماهية هذه النفس التي تتقلب و لا تبقى على حال ، تلك النفس التي تتقاذفها الأحداث يُمنة و يُسرة ، فتتشوه ملامحها و تضيع معالمها ، و أضيع أنا في متاهتها و أعلق في دوامتها ، لتعصف بي الأسئلة من كل اتجاه ؛ ذات الأسئلة التي ابتدأت بها ، و ما أكثر البدايات ، و ما أكثر السقطات التي تعيدنا إليها من جديد !
كل مرة أخال فيها أنني تقدمت أعود إلى نقطة البدء من جديد .. نقطة الـ"ماذا؟" ، و أتطلع حينها للإجابة الشافية التي تخلصني من جحيم الحيرة القاسي ، و تفرِّغ الكمّ الهائل من الأسئلة الذي يضغط على ضلوعي كجاثوم يضاهي في ثقله الجبال .
 ما أقسى أن تعود غريباً لا تفهم نفسك ، ما أقسى العودة إلى نقطة الصفر ، و ما أقسى هذه الحياة التي تنسينا أنّ بداخلنا روحٌ بحاجة إلى التفاتة .
ماذا أريد؟ ماذا أحب؟ ماذا أتمنى؟ ماذا أُبغض؟ 
من أنا ؟
كيف السبيل إليّ .. كيف ؟
لا زلت أصنع الحواجز حولي و أحيط نفسي بأسوار فارعة تحول بين قلبي و بين الغير ، و لكنني الآن فقط لاحظت أن تلك الحواجز التي صنعتها لحمايتي تعزلني الآن عن نفسي ، أدركت ذلك بعد أن أصبحت أكذب على نفسي بذات الأكاذيب التي ألقيها على الآخرين لاستجلاب الأمان ، و تيقّنت من ذلك عندما عجزت عن الإجابة عن أبسط أسئلة الذات ، و وقعت أسيرة التِيه من جديد ، و كأن روحي قد حُبِسَت في جسد ممسوخ لا يشبهها ، تُنازع جريحةً من أجل الحياة .. من أجل إلتفاتة تحييها .
عذراً لي ، عذراً لنفسي  ، عذراً لكيان ممزق و وطن مشتت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق